الفرنشايز: ما هو؟ وما هي مزاياه وعيوبه؟

يذيع صيت مطعم مشهور في أمريكا، وبعد فترة من الزمن تجد اسم المطعم ذاته في شارع الشعلان في (سورية)، وتسرق ماركة ملابس جديدة الأضواء في باريس، وبعد أشهر عدة تجد محلاً باسم الماركة نفسها في (بيروت)، وغيرها كثير من الأمثلة حول العالم، فهل تساءلت يوماً كيف يحدث هذا؟ وهل يمكنك ببساطة استخدام اسم الماركات والعلامات التجارية الشهيرة بهذه السهولة ودون حسيب أو رقيب؟ الجواب بالطبع لا، فالأمور ليست بهذه البساطة، لكن بالطبع الحل موجود.



الفرنشايز هو الحل، ففي الواقع توجد عدة اتفاقيات تتم بين طرفين أو أطراف عدة، ولا تنحصر هذه الاتفاقيات بمجال واحد محدد؛ بل تكون في العديد من المجالات، وتختلف الشروط على اختلاف المجال وطبيعته وطبيعة الأطراف المشاركين، وبعض هذه الاتفاقيات تكون اتفاقيات معروفة ومشهورة على الصعيد العالمي ومنها نظام الفرنشايز أو حق الامتياز التجاري الذي أصبح صرعة حقيقية في مجال الأعمال اليوم، وفي حال رغبت بمعرفة مزيد من المعلومات عن هذا الموضوع، فتابع القراءة.

ما هو الفرنشايز؟

تعني كلمة الفرنشايز حق الامتياز، وهي كلمة فرنسية ترجمتها الحرفية تعني التحرر، فهي كما ذكرنا عقد أو اتفاقية بين طرفين، ومن خلال هذا العقد يمنح أحد الطرفين حق الامتياز للطرف الثاني، وهذا ما يخوِّل الطرف الثاني من استخدام ملكيته الفكرية أو الصناعية أو بيع وتوزيع منتجات يمتلكها أو استخدام علامته التجارية وما إلى ذلك، وطبعاً هذا يتم بإشراف من صاحب الامتياز وضمن المنطقة الجغرافية التي يقوم بتحديدها، كما يتم استخدام مصطلح الفرنشايز بشكل كبير في العلاقات التجارية.

في الحقيقة نظام الفرنشايز ليس نظاماً حديثاً، فقد ظهر في أوروبا منذ العصور الوسطى، وكان الهدف منه تحديد حقوق الملكية عندما يتم فتح الأسواق، أما النشأة الحقيقية ترجع إلى الولايات المتحدة الأمريكية وتحديداً بعد الحرب الأهلية الأمريكية في الفترة الممتدة بين عام 1861م و1865م، ويرجع السبب في الاعتماد على الفرنشايز في أمريكا إلى مساحة البلاد الواسعة، فعلى الرغم من الفوائد الكبيرة ظهرت مصاعب كثيرة من ناحية التسويق وإيصال المنتجات والسلع على امتداد هذه المساحة الهائلة.

قامت في منتصف القرن التاسع عشر تقريباً شركة (سينجر) لتصنيع ماكينات الخياطة بالاعتماد على وكلاء لها في كافة أرجاء أمريكا لتصل هذه المنتجات إلى كل ولاية، وهذا ما احتاج منها إلى عقد اتفاقيات مع هؤلاء الوكلاء لمنحهم حقوق التصنيع والإنتاج والتوزيع وبنفس الوقت لتحفظ حقها من الأرباح.

على الرغم من فشل الشركة وقتها من تحقيق ما طمحت إليه من الأرباح، ولكنَّنا بالتأكيد نستطيع القول إنَّ الشرارة الأساسية لكل ما أحدثه هذا النظام الذي أعاد تشكيل الوجه الاقتصادي للعالم قد انطلقت من هناك، وكان المحرض الأساسي لها المسافات الشاسعة بين المناطق المختلفة التي تحدُّ من انتشار سلعة ما أو ماركة أو علامة تجارية خارج حدود دولة معينة أو حتى مدينة.

بعد ذلك انتشر هذا النظام انتشاراً كبيراً على مستوى العالم ليصبح نظام الفرنشايز من أكثر الأنظمة شيوعاً واستخداماً في العالم، فأيَّة شركة في العالم أو علامة تجارية أو صاحب عمل يمكنه منح علامته التجارية إلى شركة أخرى أو شخص آخر، وإذا كنت تتساءل عن سبب الانتشار الكبير الذي حققته هذه الطريقة في التعامل التجاري، فيمكننا باختصار إرجاع سبب هذا الانتشار الواسع إلى سببين رئيسين هما:

  1. وجدت الشركات الصغيرة وحتى المتوسطة في نظام الامتياز التجاري (الفرنشايز) طوق النجاة، وخاصة بعد الركود الاقتصادي الذي أصاب العالم منذ عام 2022م.
  2. الأشخاص الذين يبحثون عن فرصة في الاستثمار وما زالوا مترددين بشأن الخطوة الأولى، كان هذا النظام بمنزلة فرصة العمر لهم للتخفيف من وطأة البدايات وثقل الخوف الذي يرافقها.

أركان نظام الفرنشايز:

يوجد لنظام الفرنشايز إذاً ثلاثة أركان أساسية هي:

1. التراضي:

يعني تطابق إرادة كل من مانح الامتياز والممنوح، ويتم توثيق هذا التطابق من خلال العلاقة التعاقدية التي تتم بينهما.

2. المانح:

يحصل المانح من خلال العقد على امتيازات أو مقابل مادي أو يحقق مكاسب اقتصادية.

3. الممنوح:

يحق له استخدام الملكية الفكرية والصناعية للمانح، كما يحق له بيع وتوزيع منتجات وسلع يمتلكها المانح.

لتوضيح هذه الأركان الأساسية يمكننا ذكر المثال الآتي:

افتتح شخص ما مطعماً في (بغداد) وحظي هذا المطعم بشهرة واسعة، فبدلاً من قيام الشخص ذاته بالسفر لفتح فروع له في دول أخرى يمكنه ببساطة الاعتماد على نظام الفرنشايز، فصاحب المطعم بهذه الحالة هو المانح، ومن يشتري حق الامتياز يسمى الممنوح الذي يتمتع بالعديد من الصلاحيات التي تمكِّنه من استخدام اسم المطعم ذاته ووصفات الأطعمة السرية، وغيرها من الأمور التي ساهمت في انتشار وزيادة شعبية المطعم مقابل نسبة أرباح يتفق فيها مع المانح تبعاً للركن الأول وهو التراضي.

تتراوح نسبة الفرنشايز أو منح حق الامتياز بين 5% و15%، وتحدَّد هذه النسبة من قِبل المانح، ومع ازدياد نسبة الربح أو ازدياد شهرة العلامة التجارية تزداد النسبة السابقة، وخلاف ذلك صحيح أيضاً فمع تراجع نسبة الأرباح أو في حال كانت العلامة التجارية أقل شهرة تنخفض نسبة الفرنشايز.

من الجدير بالذكر أنَّ مانح الامتياز المعروف بـ (Franchisor) يقوم بمنح الامتياز لشخص آخر يسمى صاحب الامتياز (Franchise)، وهذان الشخصان من الممكن أن يكونا صاحبي شخصيتين طبيعيتين أو اعتباريتين، والمقصود بالشخص الاعتباري الشركة أو الهيئة أو المؤسسة؛ أي ليس الشخص الطبيعي.

من أبرز الأمثلة في العالم على النجاح الهائل الذي حققه الفرنشايز هي سلسلة مطاعم (ماكدونالدز) الشهيرة التي استخدمت هذا النظام لتتحول من مطعم شهير في (سان فرانسيسكو) إلى أشهر علامة تجارية ليس على مستوى الولايات المتحدة الأمريكية؛ بل على مستوى العالم.

شاهد بالفديو: 5 قواعد ذهبية لبناء العلامة التجارية الشخصية

مزايا الفرنشايز:

بالتأكيد يتمتع نظام الفرنشايز بالعديد من المزايا والعيوب أيضاً، وتختلف في الحقيقة هذه المزايا والعيوب تبعاً للمانح والممنوح، فمن الطبيعي أن تكون المزايا أكثر عندما تقوم شركة قوية بشراء علامة تجارية بهدف توسيع نفوذها، في حين قد تطغى العيوب على المزايا في حال كانت الشركة ناشئة تبحث عن فرصة للظهور والربح من خلال الفرنشايز وشراء علامة تجارية مشهورة.

سنذكر فيما يأتي أهم المزايا التي يمكن تحقيقها عند استخدام هذا النظام:

  1. يتمتع نظام الفرنشايز بسمعة كبيرة إضافةً إلى شهرته، ومن خلاله يمكن الوصول إلى الدعم المستمر بوصفه نظاماً معترفاً به عالمياً.
  2. قلة التكاليف؛ إذ يعد تمويل المشاريع القائمة على حق الامتياز أقل تكلفة من تلك القائمة وحدها، ففي حالة الفرنشايز لن تكون الشركة بحاجة إلى نفس جهود التسويق والإعلان والتعريف بالعلامة التجارية؛ وذلك لأنَّه من الأساس قد اشترى حق الامتياز في علامة تجارية مشهورة ومعروفة سلفاً، وهذا ما يوفر كثيراً من المال.
  3. عند حديثنا عن بداية ظهور الفرنشايز في العالم ذكرنا أنَّ البداية كانت محاولة للتغلب على المسافات، ولذلك فإنَّ من أفضل مزايا الفرنشايز هي توسيع النطاق الجغرافي الذي من الممكن للعلامة التجارية الوجود فيه.
  4. الربح الناتج عن اتباع الفرنشايز - تبعاً للمنطق - عليه أن يكون أكثر من الربح الذي تحققه المشاريع الناشئة والجديدة، لكن من الهام أن نذكر أنَّ هذا يتعلق بدرجة كبيرة بالسوق ونوعية الاتفاق وكيفية السير في الأمور الإدارية وما إلى ذلك، وباختصار التهور وحده لن يكون مفيداً، فعلى الرغم من شرائك لعلامة تجارية مشهورة ما زلت بحاجة إلى دراسة السوق ودراسة استراتيجيات التسويق والتوزيع والإعلان لضمان النجاح.
إقرأ أيضاً: 4 خطوات لبناء استراتيجية العلامة التجارية عند إطلاق مشروعك التجاري

عيوب الفرنشايز:

كما سبق أن ذكرنا في مقالنا عن الفرنشايز أنَّه لا بد من وجود عيوب لهذا النظام، وفيما يأتي سنقوم بالتعرف إلى أبرز عيوب الفرنشايز:

  1. قد تكون الشروط صارمة للتمكن من الدخول لهذا النظام، كما لا بد من وجود اتفاق بين الطرفين لتوضيح كافة الشروط والاتفاق على نسبة الربح وصلاحيات كل من المانح والممنوح، وهذا قد يكون صعباً في بعض الأحيان.
  2. الحاصل على الامتياز أو الممنوح عليه التقيد في مكان العمل، فلا يمكن مثلاً أن ينقل مكان عمله من دولة إلى أخرى أو من محافظة إلى أخرى دون إذن من المانح، إضافة إلى التقيد بالمكان لا بد أيضاً من التقيد بالمنتج وعدم إدخال أيَّة تعديلات عليه دون إذن من المانح، وهذا ما يُشعر الممنوح بعدم الحرية ويقيد كل حركة يريد القيام بها.
  3. تشارُك الأرباح أمرٌ مفروض على الرغم من أنَّ المانح لا يقدم شيئاً في كثير من الأحيان أكثر من الاسم.
  4. أهم ما يميز العمل هو لمسة صاحب العمل وروحه وشخصيته، وهذا حقيقة سيكون غائباً، فالشخص مقيد بسبب الفرنشايز في طريقة العمل والإدارة والمنتج، وبهذا يغيب عن هذا النظام الإبداع.
  5. قد تعمل وتجتهد وتضع كل جهدك في سبيل إنجاح هذا العمل، وعندما يحين وقت تجديد العقد قد لا يقبل صاحب الامتياز بتجديده، وهذا أسوأ ما قد يحصل بالنسبة إليك بصفتك ممنوحاً، ومن جهة أخرى فقد يقوم الشخص صاحب الامتياز بالتلاعب بنسب المبيعات، وهذا يؤثر في دخل الشركة المانحة ويعطيها معلومات غير دقيقة عن طلب الجمهور.
إقرأ أيضاً: نموذج سمعة العلامة التجارية لـ "كيلر": بناء علامة تجارية قوية

في الختام:

على الرغم من هذه العيوب ما زال نظام الفرنشايز يتمتع إضافة إلى المزايا التي سبق أن ذكرناها بالعديد من الفوائد التي تجعله خياراً لكثير من رواد الأعمال في بداية طريقهم، فيمكنك مثلاً بصفتك رائد أعمال أن تختار الفرنشايز لتبدأ بمشروع معروف مسبقاً، بدلاً من اختيار البدء بمشروع جديد وتحمُّل كل الأعباء وحدك.




مقالات مرتبطة